طفت على سطح الساحة الليبية انشقاقات عاصفة بين زعامات التيار الفدرالي في شرق ليبيا، وذلك بعد تصريحات نارية أدلى بها لوسائل إعلام محلية رئيس مجلس إقليم برقة أحمد الزبير -الذي يعد أقدم سجين سياسي- تبرأ فيها من نسب حصار موانئ النفط في رأس لانوف والسدرة والزويتينة والحريقة إلى التيار الفدرالي، وقال إن الأخير لا علاقة "له من قريب أو بعيد" بهذا الحصار.
وفسر الزبير تصريحاته للجزيرة نت بالقول إن أزمة النفط بين حرس المنشآت النفطية والحكومية، رافضا اتهامهم بالتسبب في "حصار النفط"، ورفض ما سماه "التسلق بالسلاح"، في إشارة إلى استخدام قوة السلاح في حصار الموانئ النفطية.
واندلعت أزمة النفط على خلفية مطالب وظيفية تحولت فيما بعد إلى مطالب سياسية وجهوية، أبرزها الاعتراف بالنظام الاتحادي الفدرالي والرجوع إلى دستور عام 1951 الصادر في عهد آخر ملوك ليبيا إدريس السنوسي.
وتعكس هذه التصريحات الأخيرة حجم الأزمة القائمة بين زعامات التيار الفدرالي، إذ ظهر قبل يومين آمر حرس الحدود سابقا الصديق الغيثي -المحسوب على الجناح الفدرالي المسلح- علنا برفقة رئيس الوزراء علي زيدان في مدينة طبرق القريبة من الحدود المصرية أثناء افتتاحه ميناء الحريقة النفطي.
وردا على الزبير، قال رئيس المكتب السياسي لإقليم برقة إبراهيم الجضران في تصريح صحفي، إن مكتبه هو الجهة الوحيدة المخولة بفتح موانئ النفط المقفلة منذ عدة أشهر وكبدت ليبيا خسائر بالمليارات.
وأقر المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي حسن العرفي بالخلافات والانشقاقات الحالية بين زعامات التيار الذي يطالب بفدرالية اتحادية تمتد من حدود مصر في الشرق إلى سرت غربا.
وأشار العرفي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الزبير وجد نفسه خارج المكتب التنفيذي التابع للمكتب السياسي (حكومة مُصغرة مكونة من 24 حقيبة وزارية على مستوى الإقليم)، لكنه قال إن الزبير ما زال داخل الحراك الفدرالي غير المرتبط بالشخصيات.
ونفى صلةَ التطورات الأخيرة بملف النفط، وقال إن الزبير لم يتحدث طيلة الفترة السابقة عن النفط، مشيرا إلى تصريحاته التي اتهم فيها بعض الأشخاص بخطف ثمرة الفدرالية.
وأكد العرفي أن الصراع يدور الآن على السلطة وقيادة المرحلة، متهما الدولة الليبية بمحاولة تشويه التوجه الفدرالي عن قصد.
فرقعات إعلامية
وحملت الجزيرة نت إلى عضو المؤتمر الوطني العام الضاوي المنتصر سؤالا عن الخلافات بين قادة الفدرالية، فأجاب أنه مؤشر على عدم اتفاق الإقليم على التوجهات، لكنه أكد أن الأسباب الرئيسية في جعبة الزبير والجضران وحدهم دون غيرهم، مرجحا أن تكون مجرد "فرقعات إعلامية" أو لتحقيق مآرب شخصية، مؤكدا أنهم تأخروا كثيرا في الإعلان عن خلافاتهم للعلن.
بدوره قال رئيس منتدى ليبيا للديمقراطية علي بوزعكوك للجزيرة نت إن بروز خلافات القيادات الفدرالية إلى السطح تشير إلى أنهم ليسوا على قلب رجل واحد.
وفي رده على سؤال إن كان الصراع قائما على النفط، فقال إنه عند الحديث عن النفط والأموال "فتش عن المستفيد"، مشيرا إلى تقرير لصحيفة ذي غارديان البريطانية قبل يومين قالت فيه إن إبراهيم الجضران ينافحُ الدولةَ الليبية سيادتَها على الدخل القومي.
وأرجع المحلل السياسي علاء بن دردف الخلافات إلى منطلقات جهوية وقبلية "ضيقة" انطلق منها التيار الفدرالي منذ إنشائه بعد الثورة عام 2011، مؤكدا للجزيرة نت أن بعضا من أصحاب هذه التوجهات يتحدثون الآن عن "هوية برقاوي" وبرقة بيضاء وأخرى حمراء، وهي تجزئة جغرافية للإقليم ذاته.
منقول