الدول الثلاث ستقوم بهذه الخطوة بناء على طلب ليبي لتوحيد الجهود في مكافحة الإرهاب، وبعد الكشف عن استعداد المارينز لملء أي فراغ.
قالت مصادر مطلعة إن تونس والجزائر وليبيا قررت إحداث قوة عسكرية مشتركة لحماية حدودها ومراقبتها تفعيلا لجهود مكافحة الإرهاب، على أن تقوم هذه القوة المشتركة بعمليات تمشيط واسعة وتبادل فوري للمعلومات بشأن تحرك الجماعات الإسلامية المسلحة.
ويأتي الكشف عن هذا الخبر في وقت تتواتر فيه أنباء عن استعداد قوة المارينز الأميركية لنشر وحدات تابعة لها على كامل الشريط الحدودي للبلدان المغاربية الثلاث .
وأكدت نفس المصادر أن مهمة القوة العسكرية المشتركة "تقتصر على مراقبة الحدود وحمايتها" من تسلل الجماعات المتشددة المسلحة "مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية"، حيث يقتصر مجال عمل تلك القوة على تمشيط الشريط الحدودي وتبادل المعلومات الإستخبارتية ودون السماح لوحدات أي بلد للتواجد فوق تراب أي بلد آخر حفاظا على مبدأ السيادة".
غير أن هذه المصادر أشارت إلى أن إنشاء القوة العسكرية المشتركة بين البلدان المغاربية الثلاث "قد يأخذ وقتا طويلا" خاصة وأن القرار على أهميته الاستراتيجية "يبدو معقدا من الناحية السياسية والعسكرية" باعتبار "حساسيته" وأيضا لما "يستوجبه من تنسيق لوجستي واستخبارتي"، إذ أنه لأول مرة تتفق تونس والجزائر وليبيا على إنشاء مثل هذه القوة.
ويقول مراقبون إن قرار إنشاء القوة المشتركة "جاء كخطوة استباقية" لقوة المارينز التي ينتظر أن تنشر وحداتها خلال الفترة القادمة على الشريط الحدودي للبلدان الثلاث ولكن من داخل التراب الليبي، وهو ما أثار "قلقا" لدى السلطات الجزائرية والتونسية من أن يكون ذلك مدخلا لانتهاك القوة الأميركية لسيادتها الترابية.
ويضيف المراقبون أن تونس التي تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية وأمنية هشة تخشى أكثر من غيرها من أن يؤجج أي تواجد أميركيي على حدودها غضب التونسيين الذين يقولون إن حكومة حركة النهضة الإسلامية تحظى بدعم واشنطن وأنها استفادت من هكذا دعم في "الاستقواء" على المعارضة.
وكان القائد الأعلى للقوة الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم" الجنرال ديفيد رودريغيز أدى مؤخرا زيارة إلى تونس التقى خلالها رئيس الحكومة علي لعريض وجس خلالها نبض السلطات التونسية بشأن مشاركة القوة الأميركية في مراقبة حدودها مع ليبيا، غير أن مصادر عسكرية وسياسية قالت إن تونس "رفضت أي تواجد عسكري أميركي على ترابها وأكدت قدرتها على حماية حدودها بنفسها دون أي تخل أجنبي".
وعلى الرغم من تكتم السلطات التونسية على الزيارة، فقد أكدت مصادر دبلوماسية عربية وأوروبية أن واشنطن "تمارس نوعا من الضغط" على كل من تونس وليبيا من أجل السماح لها علنا بالمشاركة في حماية ومراقبة الحدود خاصة بعد أن قويت شوكة الجماعات الإسلامية المسلحة التي باتت تهدد الاستقرار في المنطقة في ظل انفلات أمني خطير.
وحذرت "مجموعة الأزمات الدولية" في تقريرها الصادر الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 حول تونس، من تداعيات ظاهرتي الجماعات الجهادية والتهريب على الحدود الغربية مع الجزائر والجنوبية مع ليبيا.
وشددت على ضرورة تكثيف مراقبة تلك الحدود وحمايتها من استفحال ظاهرتي الإرهاب وشبكات التهريب. وأكدت على أن القضاء على الظاهرتين يبقى رهن "استقرار الوضع السياسي" في البلاد.
وجاءت فكرة إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين بلدان المغرب العربي الثلاث بناء على طلب كانت تقدمت به تونس للجزائر يقضي بـ"إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين قوة جيشي البلدين لحماية مناطق حدودية بجنوب تونس"، وذلك على إثر مواجهات دامية بين كتائب من تنظيم القاعدة وقوة الجيش التونسي في سلسلة جبال الشعانبي خلال الفترة الماضية.
غير أن القرار تم اتخاذه بعدما تقدمت ليبيا بطلب إلى جارتيها لإنشاء قوة مشتركة لحماية ومراقبة الحدود المشتركة بين البلدان الثلاثة.
وخلال الأشهر الماضية سمحت تونس ولأول مرة للجيش الجزائري، بنشر أكثر من 6 عسكري على الشريط الحدودي لمساعدتها على تعقب تحركات عناصر تنظيم القاعدة.
ويقلل المحللون العسكريون من أهمية قرار إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين البلدان الثلاث، مؤكدين أنه "من الصعب تجسيده على أرض الواقع خاصة في ظل تفجر الأوضاع الأمنية وانفلاتها وضعف القرار السياسي وأداء مؤسسات الدولة في كل من تونس وليبيا".