صحيفة الشرق الأوسط- بعد مرور أكثر من عام على رحيله، ما زالت عائلة القذافي تبحث عن مأوى يلم شتاتها الذي توزع بين عدة دول. وقال مسؤول ليبي رفيع المستوى أمس، إن عائلة القذافي الموجودة في الجزائر غادرت البلاد ما عدا زوجته صفية فركاش، وقال إن أفراد العائلة توجهوا إلى دولة أخرى رفض الإفصاح عنها في الوقت الراهن.
وأكد المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، في تصريح لصحيفة "الشرق الاوسط" أن معظم أفراد عائلة القذافي، التي تضم ابنه الأكبر محمد (من زوجته الأولى) وهانيبال وعائشة، غادروا الجزائر، لافتا إلى أن السلطات الجزائرية أبلغت مساء أمس نظيرتها الليبية بهذه المعلومات.
وأوضح المسؤول ذاته أن السلطات الليبية وافقت، على ما يبدو، على عودة صفية فركاش إلى مسقط رأسها في مدينة البيضاء، مشيرا إلى أنه لا توجد أي عوائق أمنية تمنع عودتها نظرا لأنها لم تنخرط في أي نشاط سياسي، ولم تتورط في جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السابق ضد الشعب الليبي.
وكان المجلس الوطني الانتقالي، الذي سلم السلطة في ليبيا إلى المؤتمر الوطني العام (البرلمان) قد طالب الجزائر مرارا بتسليم عائلة القذافي أو منعها، خاصة ابنته عائشة، من الإدلاء بتصريحات إعلامية مثيرة للجدل، تفاديا لإثارة غضب الرأي العام المحلي.
وامتنعت الجزائر عن تسليم عائلة القذافي، فيما تعهد وزير خارجيتها مراد مدلسي خلال زيارة قام بها إلى طرابلس في مارس (آذار) الماضي، بعدم سماح بلاده لأفراد عائلة القذافي اللاجئين لديها بالتدخل في شؤون ليبيا.
إلى ذلك، تترقب ليبيا وأسرة منصور الكيخيا، وزير الخارجية الأسبق، وأبرز معارضي نظام العقيد معمر القذافي، نتيجة تحليل الحامض النووي (دي إن إيه) الخاص برفات تم العثور عليها مؤخرا في طرابلس يعتقد أنها للكيخيا، الذي اختفى خلال زيارة له لمصر عام 1993.
وقال رشيد الكيخيا ابن عم منصور الكيخيا لـ«الشرق الأوسط»، إن محمود شقيق منصور الكيخيا سيعود الأسبوع المقبل من مدينة سراييفو، العاصمة البوسنية، حاملا معه نتيجة عينة الـ«دي إن إيه» الخاصة بالجثمان المحتمل للكيخيا.
وكانت السلطات الليبية قد عثرت على جثمان مجهول الهوية في فيللا بطرابلس، استنادا إلى معلومات سرية أدلى بها عبد الله السنوسي، صهر القذافي، والرئيس السابق لجهاز المخابرات.
ووفقا لما أكدته مصادر ليبية متعددة لـ«الشرق الأوسط» فان السنوسي تحدث عن فيللا في طرابلس يوجد بها جثمان لشخصية معروفة، لكنه اعتبر أنه غير مسؤول عما حصل لهذه الشخصية.
وكان يعتقد في بداية الأمر أن الجثة تخص الإمام الشيعي موسى الصدر، مؤسس حركة أمل في جنوب لبنان، الذي اختفى عام 1978 في طرابلس، رفقة شخصين.
وأجرت الحكومة الليبية اتصالات مع عائلة الكيخيا من دون أن تحدد المكان الذي تم فيه العثور على الجثة المحتملة لأسباب قالت إنها أمنية صرفة.
وتوجه محمود شقيق الكيخيا إلى المكان، ولاحقا برفقة العينة إلى سراييفو التي باتت تضم واحدا من أشهر وأكبر المراكز المتخصصة في التحليلات بالنظر إلى ما عانته خلال حرب الإبادة الجماعية التي تعرضت لها في عقد التسعينات من القرن الماضي على أيدي الصرب.
وقال رشيد الكيخيا لـ«الشرق الأوسط» إن التحليلات ستصل في أي وقت، وإذا ثبت أن الأمر يتعلق برفات منصور الكيخيا، ستقوم العائلة بدفنه في مسقط رأسه بنغازي، مشيرا إلى أن هناك بعض السياسيين يطالبون بإقامة جنازة رسمية للراحل.
على صعيد آخر، تقدم فاتو بنسودة، المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الأربعاء) تقريرها الرابع لمجلس الأمن حول ملف ليبيا، والقضية التي تنظر فيها المحكمة والتي تخص سيف الإسلام القذافي، وعبد الله السنوسي. وقالت المحكمة الجنائية الدولية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن هذا هو التقرير الأول لبنسودة منذ توليها منصبها في يونيو (حزيران) الماضي.
وستقوم بنسودة باطلاع المجلس على القضية المرفوعة في حق سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي، وكذلك التحقيقات الجارية في ليبيا.
وخلال جلسة انعقدت في التاسع من الشهر الماضي أبلغت ليبيا المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بأن لدى طرابلس أدلة تعتبر كافية لمحاكمة سيف الإسلام القذافي أمام القضاء الليبي، وجاء ذلك على لسان فيليب ساندز محامي ليبيا أمام المحكمة.
وقال فادي العبدالله، المتحدث باسم المحكمة لـ«الشرق الأوسط»، إن الغرض من جلسات الاستماع الأخيرة كان هو مناقشة الطلب الليبي بأن يتولى القضاء الليبي، وليس المحكمة الجنائية الدولية، محاكمة نجل القذافي، وتقديم الدلائل إلى المحكمة بأن القضاء الليبي قادر وراغب في إجراء محاكمة جدية في هذه القضية، مشيرا إلى أنه بناء على ذلك، سوف تعلن المحكمة الجنائية الدولية هل القضاء الليبي أم المحكمة الجنائية الدولية من سيتولى المحاكم؟
وأضاف أن الطلب الليبي يخضع لمبدأ التكامل المنصوص عليه في نظام روما الأساسي، وبالتالي أيا كانت النتيجة فهي ستأتي تطبيقا لهذا النظام، وتعزيزا للقواعد المعمول بها أمام المحكمة الجنائية الدولية وليس إضعافا لها.
وأضاف العبدالله: «حتى الآن التعاون بين المحكمة والسلطات الليبية مستمر، والطلب الليبي ليس رفضا للتعاون بل بالعكس هو من ضمن ما ينص عليه نظام المحكمة الجنائية نفسه من أن الأولوية هي للقضاء الوطني إذا كان قادرا وراغبا في إجراء محاكمات جدية». وزاد قائلا: «المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة مستقلة ودائمة تحقق مع الأشخاص المتهمين بارتكاب الجرائم الشديدة الخطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي وتحاكمهم، وذلك إذا كانت السلطات الوطنية ذات الاختصاص غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك بشكل حقيقي». وأشار إلى أن الجرائم المعنية هي: جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب
منقووووول